عزمت ليلة أمس على أن أمضي الليل كله في إنهاء
بعض الأفلام التي دونتها في قائمتي لمشاهدتها لاحقاً... وبالفعل انطلقت حتى أنهيت
ثلاث أفلام، حينها كان مازال لدي ساعتين أخيرتين من الليل لأشاهد عملاً أخيراً،
لكنني لم أعد أقوى ساعتها على مشاهدة شيء ثقيل كالأفلام الوثائقية التي بدأت بها
الليلة، فراحت عيني تجول في القائمة بحثاً عن أفلام الرسوم المتحركة (الأنمي) التي
دونتها... لاح في ذهني الفيلم الذي نويت مشاهدته عدد من مرات وفي كل مرة ينتهي بي
الأمر بمشاهدة أمر آخر غيره...
يخضع اختياري للأفلام التي أشهدها لحالتي
المزاجية وهذا ما وقف حائلاً أمام مشاهدة فيلم الأنمي الياباني الذي ذاع صيته في
أواخر 2016، فيلم أسمك (Your
Name).
حقيقة الأمر أن مزاجي لم يكن الشيء الوحيد
الشيء أنهى قراري بمشاهدة الفيلم لأكثر من مرة، فثمة خوف ينتابني عادة من الأفلام
التي يعلو صوتها وتكثر الثرثرة حولها، خاصة بعد العديد من خيبات الأمل في أفلام
لاقت ضجة كبيرة...
"الأدلة التي جعلت من شكوكي في أن فيلم
(اسمك) قد يكون خيبة أمل جديدة لي، هو مختصر القصة المنشور على الشبكة العنكبوتية
والملصق الدعائي للفيلم. فكليهما عاديان، القصة تبدو مألوفة والرسوم تبدو كما هي
أغلب رسوم الأنمي الياباني لا تتفوق عليها بشيء..."
لذا
في تلك الليلة، قررت أخيراً أن أحسم موقفي من الفيلم وأن أقطع الشك باليقين.
المراجعة:
الفيلم بدأ بأحداث نمطية جداً، الذهاب
للمدرسة، تناول الطعام، حوارات عادية، حتى يلاحظ أصدقاء وعائلة البطلة تصرفاتها
الغريبة التي لا تتطابق مع الحالة النفسية المعتادة لها، بينما في الجانب الآخر من
الفيلم يحدث الأمر نفسه مع البطل الثاني الذي حتى الآن يبدو بعيداُ جغرافياً
ونفسياً عن البطلة. خلال هذه الأثناء كان كلا البطلين يظن أن ثمة أحلام تراوده عن
حياة شخص آخر في جزء آخر من اليابان، إلى أن يكتشفا أن الأمر ليس بحلم وأن ثمة
تبادل في الأجساد يحدث بين الفينة والأخرى. هنا يظهر التناقض الأول الذي يحاول أن
يبرزه الفيلم، الحياة المختلفة جداً التي يعيشها مراهقان في المرحلة الثانوية في
بلد واحد. التنوع في الأحداث هو النتيجة الحتمية لذلك التناقض رغم أنها لم تكن
أحداث فريدة من نوعها.
"كان للجزء الأول من الفيلم طابع كوميدي
ناتج عن تبادل الأجساد بين البطلين، والتأثير الذي بدأ كل بطل يحدثه في حياة البطل
الآخر. ينتهي الجزء الأول من الفيلم وفق تقسيمي عند انقطاع تبادل الأجسام بين
البطلين الذي بدى وكأنه يؤهل لنهاية الفيلم، لكن الحقيقة هي أنه مازال ثمة أكثر من
أربعين دقيقة متبقة، ليتركك الفيلم في حيرة مما سيحدث بعد ذلك؟"
التفكير النمطي يجعلك تظن أن بقية الفيلم
ستكون محاولة لإعادة الاتصال الذي كان بين البطلين عبر تبادل الأجساد أو محاولة
اللقاء، ثم يبدأ بينهما منحى رومانسي على الأرجح، هذا إن فكرنا بطرقة نمطية ووفق
السياق التقليدي لهذا النوع من القصص...
"إلا أن الفيلم يأخذ منحى مفاجئ من
الأحداث وتنقلب الكوميديا دراما حزينة ومغامرة مليئة بالقتال ضد الكارثة الحتمية
ومحاولات يائسة للقاء، وأخيراً ومشاعر صادقة بين بطلين لم يلتقيا..."
فيبدأ القسم الثاني من الفيلم كما توقعت
تماماً... حيث يتنقل البطل الثاني (الذكر) باحثاً عن البطلة التي كان يتبادل معها
الجسد، ويبدل هذا المقطع القصير من الفيلم الأجواء الكوميدية إلى أجواء درامية
ومغامراتية حتى يأتي الحدث الفاصل الذي يكسر الفيلم فعلاً إلى نصفين بطريقة مبدعة
وخلابة، حيث يكتشف البطل الجانب الكارثي من الحقيقة التي يعيشها وهي أن الفتاة
التي يتبادل معها الجسد ميته الآن وأن مدينتها بأكملها التي يراها خلال تبادله
الجسد معها قد اختفت، فالفتاة من بعد زماني أخر... فقد كانت تعيش في مدينتها قبل
أن يقع النيزك عليها فيزيلها من الوجود...
"هنا تتعمق الأجواء الدرامية الحزينة
وتبدأ رحلة البطل في محاولة إعلام البطلة بهذا الحدث الكارثي القادم حتى تستطيع
إخلاء المدينة والنجاة من الموت..."
"العاطفة القوية الناجمة عن الأثر الذي
أحدثه كل بطل في حياة الأخر دون أن يتواجدا معاً بالجسد والروح أعطت للفيلم عمقاً
وجدانياً وفلسفياً من المتوقع أن يكون لها أثراً في تعميق أثر الفيلم على المشاهد."
فالمشاعر ليست بالضرورة تنشأ عندما نتشارك
الزمان والمكان والفعل معاً، يكفي أن نجرب حياة الطرف الآخر ونأثر فيها دون تواجده
معنا، يكفي أن نتعلق بأشياء يعلق بها هو ونتعرف على أشياء يعرفها... فالبطلان لم
يلتقيا ولم يتبدلا الكلام العاطفي حتى الدقائق الأخيرة من الفيلم ولكنهما كونا
نوعاً من المشاركة الوجدانية العمية بمعايشة ما يعيشه الأخر... ويظهر ذلك جلياً في
عاطفة البطل الذي كونها تجاه الأخت الصغرى للبطلة حيث أتاح له التبادل الجسدي
التعرف عليها.
"معرفة اسم الطرف الأخر كان الدليل الذي
ظن البطلان أن به سيستطيعان اللقاء فيما بعد عندما يتوقفا عن التبادل الجسدي ويمر
الكثير من الوقت منذ تلك الأحداث الخارقة للطبيعة فتتشوه ذكرتهما حول ما حدث، إلا
أن الأمر بدى أعمق من ذلك، فالشعور الذي خلفته الأحداث في كيان البطلين جعل منهما
في حالة بحث عن شيء لا يعملون ماهيته في عقولهم لكنهم يعرفونه تماماً في قلوبهم."
الملخص:
"كأفراد متابعين لأعمال الأنمي الياباني
لا يبدو الفيلم فريداً من ناحية الرسم ولا مميزاً في جودة المؤثرات البصيرة، إنه
يسر في نفس خط الجودة مع الكثير من أعمال الرسوم اليابانية."
"حبكة القصة، طريقة تحركها نحو الذروة
وليس الحوار والمؤثرات البصرية هو ما جعل الفيلم يلقى ذلك الإعجاب."
"تناقضات كثيرة، حالتين مزاجيتين
مختلفتين، انقسام واضح في الأحداث الزاخرة والمتنوعة والرابط الأقوى هو العاطفة." في هذه الجملة أكاد ألخص ما ميز فيلم اسمك وفق
وجهة نظري.
"الظهور للثقافة اليابانية في عدة أوجه
منها خلال الفيلم، قد يضيف نقطة لرصيد الفيلم من الناحية الدولية. فما هو نمطي
مكرر في ثقافتك، هو عامل جذب للجمهور المتعطش للجديد في هذا العالم."
ملاحظة:
"نتيجة لأن التبادل في الأجساد كان بين ذكر وأنثى فقد كان ثمة إشارات
جنسية خجولة جداً جداً في عدد من اللحظات القليلة من الفيلم، قد يفضل البعض عدم
وجودها"
ختاماً:
إن شاهدتم الفيلم فنرجو منكم مشاركتنا انطباعاتكم، وإن لم تشاهدوه فإننا
ننصحكم بمشاهدته حالما ترغبون في قضاء بعض الوقت الترفيهي مع عمل خفيف.
"الفيلم يلائم مشاهدته مع الأصدقاء"
وقبل تحية الختام سنسعد بتلقي ملاحظاتكم للتحسين من جودة المراجعات القادمة،
أو التوصية بكتابة مراجعات لأفلام تحبونها...
نراكم في مراجعة أخرى... دمتم بخير
No comments:
Post a Comment